* يوسف محمد القرضاوي
يقولون: إن المرأة نصف المجتمع، وهذا صحيح المرأة نصف المجتمع بحكم العدد، جرت سنة الله أن عدد الرجال وعدد النساء يكاد يكون متساوياً، هناك 50% مع 50% 52%، 48% 51% 49% حوالي هكذا وبعض الدارسين يتخذ من هذا دليلاً على وجود الله عز وجل أن وراء هذا الكون قوة عليا لأن الناس لو تركوا لأهوائهم وشهواتهم، لاختاروا الذكور وهذا من سوء فهمهم، لأنه لا يوجد ذكوراً بلا إناث، ولكن القوة التي تشرف على هذا العالم وتنظمه، الله تبارك وتعالى هو الذي يرتب هذا الأمر، فالمرأة نصف المجتمع من حيث الكم والعدد ولكنها في الواقع وفي التأثير أكثر من النصف، لأن للمرأة تأثيراً في زوجها وتأثيراً في أبنائها، لهذا كانت العناية بالمرأة أمراً واجباً، لا عجب أن يهتم القرآن وتهتم السنة، ويهتم الفقه الإسلامي، وتهتم كتب التفسير وكتب الحديث وكتب التربية بالمرأة، القرآن ذكر المرأة في عشرات السور، في سور كثيرة، ويكفي أن هناك سوراً خاصة بشأن المرأة مثل سورة (المجادلة) قال تعالى (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما ..) وسورة (الممتحنة) النساء الممتحنات (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) خاصة بالنساء، وسورة (الطلاق) هذا في أمر المرأة، وسورة التحريم (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم) وسورة آل عمران، أسرة عمران يتحدث القرآن في هذه السورة عن ميلاد امرأة، احتفالاً بميلاد مريم (رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً فتقبل مني، إنك أنت السميع العليم، فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى، والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى).
وعندنا سورة باسم مريم عليها السلام، القرآن تحدث عن المرأة في عشرات من السورة، ثم إنه كلما قال الله تعالى (يا أيها الناس) أو (يا عبادي) أو (يا بني آدم) أو (يا أيها الذين آمنوا) فهذا خطاب للرجال والنساء جميعاً جاء في الحديث الشريف أن أم سلمة رضي الله عنها كانت تمشطها ماشطتها وتجملها وتزينها، وسمعت الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد يقول (يا أيها الناس) قالت لها هات الخمار، قالت إنه يقول (يا أيها الناس) قالت لها: وأنا من الناس.
** " هناك أناس متشددون يريدون حبس المرأة في البيت وهذه عقوبة لها، أن تقر المرأة في بيتها هذا خطاب لنساء الرسول(ص)لا حبس للمرأة في البيت حتى أنهم حرموا المرأة من الصلوات في المسجد في عهد الرسول (ص)كانت المرأة تصلي في المسجد "
لذلك أقول إن الإسلام والقرآن اهتم بالمرأة لأنها نصف المجتمع في الكم وأكثر من النصف من ناحية التأثير فلا عجب أن نهتم بالمرأة وبحقوق المرأة وبواجبات المرأة، لكن في عصرنا يركزون على الحقوق أكثر من التركيز على الواجبات، ربما يسأل سائل: لماذا لم نر في تراثنا الإسلامي العظيم الغني الثري لم نر هذا العنوان واضحاً، حقوق المرأة في الإٍسلام أو حقوق الإنسان في الإسلام؟! أحب أن أقول: إن الإسلام يراعي الحقوق من حيث اهتمامه برعاية الحقوق من حيث اهتمامه برعاية الواجبات لأن كل حق للإنسان هو واجب على غيره، يعني حق الأب في البر والإكرام والطاعة والإحسان، هذا حق، وواجب علىأولاده، واجب بر الوالدين أو الإحسان بالوالدين فإذا أدي واجب البر والإحسان روعيت حقوق الأبوة، وكذلك حقوق الأمومة (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها، وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) فإذا روعيت هذه الفريضة (بر الوالدين) فقد روعي حق الوالدين.
وفي المقابل حقوق الأولاد في الرعاية والتعليم والنفقة، هذه واجبات على الأب فإذا أداها فقد روعيت حقوق الأولاد. ومن أجل هذا راعى الإسلام الحقوق من حيث اهتمامه بالمطالبة في أداء الواجبات في الحضارة الغربية تخالف النظرة والفلسفة الإسلامية في هذا الجانب، لأن الحضارة الغربية تطالب بالحق أكثر من الواجب الإنساني وفي الحضارة الغربية مطالب سائل، والإنسان في الحضارة الإسلامية مكلف، مطالب مسؤول. نحن شريعتنا تقوم على التكاليف، والإلزام بما فيه كلفة، الإنسان في الحضارة الغربية همه أن يقول: ماذا لي؟ والإنسان في الحضارة الإسلامية يقول: ماذا عليّ؟ الإنسان الغربي نفعي أناني، والإنسان المسلم غيري أخلاقي، هذا الذي لم يجعل الحقوق تظهر في الحضارة الإسلامية لأن ذلك من فلسفتها، لأنه عندما تؤدي واجبك روعيت حقوق الآخرين، لا تظنوا أن الإسلام أهمل حقوق المرأة، نحن أول من علم الناس الحقوق من خلال تعليمهم الواجبات، وكل حق يقابله واجب، ونحن أمة الإسلام أغنياء بما عندنا، بحيث لا نحتاج إلى الاستيراد من غيرنا أو التسول من سوانا، المتسول وهو قادر هذا ليس من الأخلاق ..
الإسلام يلزم أولياء المرأة بكفالتها إذا كانت في حاجة أو ضرورة، علينا أن نتمسك بعقائدنا وشرائعنا، على أن يكون ذلك في ضوء فقه جديد واجتهاد جديد، آفة قضية المرأة أنها ضاعت بين الإفراط والتفريط، هناك أناس متشددون يريدون حبس المرأة في البيت وهذه عقوبة لها، أن تقر المرأة في بيتها هذا خطاب لنساء الرسول صلى الله عليه وسلم لا حبس للمرأة في البيت حتى أنهم حرموا المرأة من الصلوات في المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت المرأة تصلي في المسجد، قال صلى الله عليه وسلم "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله".
يجب أن تدخل المرأة معترك الحياة وتساهم في بناء مجتمعها جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل وذلك ضمن ضوابط الإسلام وآدابه، كما دعا إلى أن تساهم المرأة في الانتخابات والترشيح و يجب أن نتخذ منهجاً وسطاً في معالجة قضية المرأة إذ لا إفراط ولا تفريط لا أن نتشدد ونفرط، ولا أن نهمل ونتجاوز حدود الثوابت في السماح للمرأة بالتجاوز على ما رسمته عقائدنا وشرائعنا السمحاء، وألا يصبح كل شيء مباحاً دون ضوابط.